صنع تاريخ وجغرافيا – نظرية في تاريخ وجغرافيا وتطور الحضارات
20 د.ا
إن حدوث تغيرات بهذا الحجم والعمق يوحي بأن العالم دخل فترة انتقال حضارية تفصل الماضي القريب عن المستقبل الأقرب. وهذه فترات تتصف بضبابية الرؤية ودخول المجتمعات المعنية مرحلة من التخبط، ينتهي معها وعندها تاريخ الحقبة الماضية ومنطقه وحكمته. وهذا يقود إلى شعور الناس بالقلق وفقدان القدرة على فهم ما يجري حولهم من تطورات، خاصة وأن ما كان لديهم من أدوات تحليل لم تعد قادرة على فهم الواقع أو تخيل المستقبل، وبالتالي غير صالحة لإدارة شؤون الحياة وصنع مستقبل أكثر استقراراً وأمنا. لهذا نلاحظ أن كل مجتمع تقريباً، بغض النظر عن مدى تقدمه، يواجه تحديات عويصة ذات أبعاد متعددة يصعب عليه تعريفها بدقة والتعامل معها بكفاءة.
يحاول هذا الكتاب شرح تعقيدات المرحلة الانتقالية التي نمر بها اليوم، وتحليل خارطة الطريق القديمة في ضوء ما يعيشه العالم من تحولات وتوقعات مستقبلية، وتقديم نظرية جديدة تفسر عملية تطور المجتمعات الإنسانية عبر تاريخ وجغرافيا. وهذا من شأنه أن يساعدنا على فهم كيف وصلنا إلى هذه النقطة، وما هي معالم الطريق إلى المستقبل، وكيف يمكن لنا تطويع عوامل التغير تاريخ وجغرافياية لتتجاوب مع طموحاتنا. ولما كانت الخرائط المجتمعية معقدة وتشمل مختلف أوجه الحياة، فإن الكتاب الورقي (عادي) يقوم بتحليل عدة قضايا ونقد بعض النظريات تاريخ وجغرافياية والنظم المجتمعية واستقصاء مدى صلاحيتها، بما في ذلك الثقافة والفكرة الايديولوجية، والديمقراطية، وتحديد علاقة هذه المفاهيم والفلسفات بعملية التغير والنهضة.
دخل العالم في منتصف التسعينيات من القرن العشرين مرحلة جديدة تتصف بالفوضى وضياع الرؤية. إذ تسببت التحولات العميقة التي أحدثتها ثورتي المعلومات والاتصالات والعولمة وسقوط الماركسية في إعادة هيكلة مختلف أوجه الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، ما جعلها تغير الواقع ونظرتنا إليه بشكل جذري. ولما كانت تلك التحولات لا تزال تمارس هوايتها في تغيير الواقع، فإن العالم دخل مرحلة من التحول المتسارع لا تبدو لها نهاية في الأفق. وهذا تسبب في تقويض صلاحية غالبية الأفكار والنظريات التي أسهمت في الماضي القريب في إدارة الحياة الاقتصادية والسياسية والعلاقات الدولية، ما جعل “الفوضى الخلاقة” تبدو النظرية الأكثر رواجاً في عالم لا تسيطر عليه قوة بعينها، ولا تحركه استراتيجية كونية واضحة المعالم. إن الفوضى الخلاقة هي حالة طارئة تصف فترة تحول تاريخية وليست نظرية، لكن بعض القوى الدولية رأت في تلك الفوضى ما يخدم مصالحها، ولذلك قامت بتطويرها إلى نظرية وسياسة تستهدف غرس جذور الفوضى في نسيج بعض المجتمعات وتمزيقها والسيطرة عليها، وحرمانها من فرص الاستقرار والتقدم.
وتبدو آثار هذه التحولات بوضوح في خمسة مجالات محددة: تكامل الاقتصاديات الوطنية في اقتصاد عولمي واحد خارج عن السيطرة، تجزئة المجتمعات المختلفة إلى فئات ثقافية اجتماعية متنافسة وأحياناً متصارعة، تقسيم بعض الكيانات السياسية إلى دويلات متناقضة الأهداف والسياسات، تعميق فجوتي الدخل والثروة داخل كل دولة وبين الدول، وحدوث تفاعل ثقافي وتواصل عبر الحدود السياسية والتقاليد المجتمعية. وفي ضوء استمرار هذه التحولات وتسارع وتيرتها، فإن الدولة القومية دخلت مرحلة من الضعف تتصف بفقدان السيطرة على الاقتصاد الوطني، وتفكك نسيجها الاجتماعي والثقافي، وتعرض هويتها الوطنية إلى التصدع.
من ناحية ثانية، أدت تلك التطورات إلى زعزعة الدعائم الرئيسية لنظم الحكم الديمقراطية التي تتشكل أساساً من تعددية سياسية، وطبقة وسطى، وصحافة حرة. إذ فيما تتم تجزئة المجتمعات إلى فئات اجتماعية ثقافية متنافسة، يتقلص حجم الطبقة الوسطى وتضعف ثقتها بالنفس وما لديها من وعي طبقي. أما حرية الصحافة فلم يعد لها وجود يذكر في بعض المجتمعات مثل المجتمع الأمريكي بعد أن هيمن المال على مؤسسات الإعلام وحولها إلى مؤسسات تجارية تسعى لتحقيق الربح على حساب كل قضية أخرى. نتيجة لذلك أصبحت مؤسسات الحكم الديمقراطية غير قادرة على أداء دورها المجتمعي وتحقيق رسالتها القائمة على العدل والمساواة وتكافؤ الفرص.
إن حدوث تغيرات بهذا الحجم والعمق يوحي بأن العالم دخل فترة انتقال حضارية تفصل الماضي القريب عن المستقبل الأقرب. وهذه فترات تتصف بضبابية الرؤية ودخول المجتمعات المعنية مرحلة من التخبط، ينتهي معها وعندها تاريخ الحقبة الماضية ومنطقه وحكمته. وهذا يقود إلى شعور الناس بالقلق وفقدان القدرة على فهم ما يجري حولهم من تطورات، خاصة وأن ما كان لديهم من أدوات تحليل لم تعد قادرة على فهم الواقع أو تخيل المستقبل، وبالتالي غير صالحة لإدارة شؤون الحياة وصنع مستقبل أكثر استقراراً وأمنا. لهذا نلاحظ أن كل مجتمع تقريباً، بغض النظر عن مدى تقدمه، يواجه تحديات عويصة ذات أبعاد متعددة يصعب عليه تعريفها بدقة والتعامل معها بكفاءة.
يحاول هذا الكتاب شرح تعقيدات المرحلة الانتقالية التي نمر بها اليوم، وتحليل خارطة الطريق القديمة في ضوء ما يعيشه العالم من تحولات وتوقعات مستقبلية، وتقديم نظرية جديدة تفسر عملية تطور المجتمعات الإنسانية عبر تاريخ وجغرافيا. وهذا من شأنه أن يساعدنا على فهم كيف وصلنا إلى هذه النقطة، وما هي معالم الطريق إلى المستقبل، وكيف يمكن لنا تطويع عوامل التغير تاريخ وجغرافياية لتتجاوب مع طموحاتنا. ولما كانت الخرائط المجتمعية معقدة وتشمل مختلف أوجه الحياة، فإن الكتاب الورقي (عادي) يقوم بتحليل عدة قضايا ونقد بعض النظريات تاريخ وجغرافياية والنظم المجتمعية واستقصاء مدى صلاحيتها، بما في ذلك الثقافة والفكرة الايديولوجية، والديمقراطية، وتحديد علاقة هذه المفاهيم والفلسفات بعملية التغير والنهضة.
| الوزن | 0.82 كيلوجرام |
|---|---|
| الأبعاد | 17 × 24 سنتيميتر |
| ردمك|ISBN |
978-9957-12-720-6 |
منتجات ذات صلة
مدخل الى تاريخ وجغرافيا الاجتماعية
ونظرًا لأهمية الجغرافية الاِجتماعية والنقص الواضح الذي تعاني منه المكتبة العربية في الكتب المتعلقة بهذا الفرع، وقلة الكتب المؤلفة باللغة العربية عن الجغرافية الاِجتماعية، والإحساس بالواقع الاِجتماعي ومشكلاته في المجتمع العربي، وجدنا من المناسب أن نُقدم كتابًا يتناول موضوع "مدخل إلى الجغرافية الاِجتماعية" تعريفًا وإظهارًا لماهية الجغرافية الاِجتماعية ومفاهيمها وأسس دراستها والمشكلات التي تواجه المجتمع العربي والآفاق المستقبلية لتنميته الاِقتصادية والاِجتماعية على ضوء خصوصية المكان العربي.
وقد خصصنا الفصل الأول لتحديد المفاهيم المختلفة للجغرافية الاِجتماعية وأهدافها وتطورها منذ الإسهامات الأولية حتى الدراسات المعاصرة، والمواضيع التي تناقشها ومناطق اِلتقاءها مع الجغرافية الثقافية، واِهتم الفصل الثاني بتقديم تطور الاِتجاهات الفكرية لدراسات الجغرافية الاِجتماعية والمدارس المتعلقة بها كمدرسة الرفاه الاِجتماعي، والمدرسة الراديكالية ومدرسة الاِتجاه الظواهري والإنساني، أما الفصل الثالث فقد تطرقنا فيه إلى تقديم المفاهيم والأُطر النظرية للجغرافية الاِجتماعية وتحديد منهج تحليل التباين والتشابه مبرزين أهدافه المتعددة، بأدواته وسماته ونظرياته، ومن ثم توضيح إمكانية إسهامه الفاعل في دراسات الجغرافية الاِجتماعية، ويتناول الفصل الرابع توضيح الأنماط الاِجتماعية والاِقتصادية للمجتمع وذلك من حيث التصنيف الاِقتصادي لفروع الأنشطة الاِقتصادية، وأثر التغيرات التي يحدثها النشاط البشري على المكان (الحيز الجغرافي) من خلال علاقات التعاملات المكانية المتعددة، أما الفصل الخامس فقد اِهتم بالمجتمعات البشرية وتطور علاقتها المكانية عبر مراحل مختلفة، ليتم تسليط الضوء على المجتمع العربي وتطور علاقته المكانية وذلك في الفصل السادس من خلال إبراز الخصوصية الجغرافية للوطن العربي ومختلف العوامل المؤثرة في بنية المجتمع العربي منذ العصر الجاهلي إلى غاية وقتنا الحالي. أما الفصل السابع فقد ركز على التنمية الاِقتصادية والاِجتماعية في المجتمع العربي مبرزًا أشكالها المختلفة والعوامل المؤثرة فيها وأثرها في بنية المجتمع العربي بين أزمنة متلاحقة (الماضي والحاضر والمستقبل)، لينتهي هذا الفصل بتوضيح رهانات التنمية المستدامة في المجتمع العربي من منظور الجغرافية الاِجتماعية بمعنى إمكانات وخصوصية الحيز المكاني (المجال الجغرافي)، وآفاقها المستقبلية في ظل الاِنتماء العربي لكل شعوب الوطن العربي ووحدة مصيره وعبقرية مكانه الجغرافي.

المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.